حضرموت ليست حقل تجارب

- 18 مارس, 25
كتب / د. خالد سالم باوزير
أطلعت على كثير من المقالات أمس واليوم في مواقع التواصل الاجتماعي بحضرموت ، تضمنت تصريحات غريبة مريبة يدعون فيها أن حضرموت الجنوب و الجنوب حضرموت ..
هذا المصطلح تم تداوله في وسائل الإعلام ومواقع السوشيال ميديا المنتشرة في حضرموت ، ومن يتبنى ذلك المصطلح ويسقطه على حضرموت فهو ينهي تاريخ حضرموت لقرون مضت ، ويختزل تاريخها بفترة ما بعد سقوط السلطنات الحضرمية 1967 ، بعد أن فرض على حضرموت واقع جديد من قبل بعض أبنائها المنتمين لحركة القوميين العرب حيث أدخلوها عنوة مع دولة الجنوب بعد خروج بريطانياً 1967 ..
حضرموت تاريخ وحضارة ، وشعب بصماته موجودة عند كثير من شعوب العالم في قارة أفريقيا و آسيا وغيرها من قارات العالم ، حضرموت واهلها نشروا الإسلام الوسطي المعتدل بين الشعوب دون إراقة دماء وبلا عنف ، بالمعاملة الحسنة والصدق والسلوك الحسن والتميز والأمانة والاندماج الحضاري .
حضرموت منذ أن دخلت بالقوة دون إرادة شعبها مع ما يسمى جمهورية اليمن الجنوبية ، وبعد الانقلاب على الرئيس قحطان أصبحت تابعة لليمن الديمقراطية ، جعلوا حضرموت تابعة لهم يحكمونها من عدن حيث القوة العسكرية ، اداروا شئونها بمنطق القوة رغم أن حضرموت هي عنوان الأمن والأمان ..
تعرض شعب حضرموت لشتى أنواع الظلم والإستبداد والقهر ، صودرت أموالهم وأملاكهم في عدن وغيرها من مناطق الجنوب ، وفي حضرموت تحولوا بين عشية وضحاها إلى فقراء مشردين في كثير من دول العالم ، رغم أن ما استثمره الحضارم في عدن وحضرموت جمعوه من مهاجرهم في سنوات طوال بعمل وجد واجتهاد وتجارة نظيفة ، تحمل الحضارم كل المظالم ومازالوا إلى اليوم لم يحصلوا على أملاكهم ، ولم يتم تعويضهم رغم مرور السنوات ..
تحولت حضرموت إلى حقل تجارب الرفاق ، والقيادات الحضرمية التابعة لهم ينفدون أوامرهم دون اعتراض ، وللأمانة التاريخية كانوا أقلية في قوام المكتب السياسي واللجنة المركزية للتنظيم السياسي ومن ثم الحزب ..
حضرموت كانت بعيدة عن صراعات الرفاق السياسية العسكرية الدموية ، لكن أبناء حضرموت المجندين في الخدمة العسكرية الإجبارية كانوا وقودا لصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، كانت حضرموت أكثر محافظة توجد بها مدارس ثانوية ويفرض على طلابها الالتحاق بالخدمة العسكرية ، وهي كذلك المحافظة الأكبر مساهمة في موازنة دولة الجنوب ..
بعد دخول دولة الجنوب إلى مستنقع الوحدة اليمنية الاندماجية بلا استفتاء شعبي ، في البداية تنفس الحضارم الصعداء لكن بعد 1994 حضرموت استباح أرضها المنتصر في الحرب ، لقد نهبت ثرواتها ، وتم البسط على أراضيها الشاسعة لصالح القادمين من الهضبة الزيدية وبقية محافظات الشمال ، وحرم أهل الأرض من الحصول على قطعة أرض لبناء مسكن شخصي لهم ، واضطر كثير منهم أن يشتري بماله الخاص الأراضي التي صرفت لأبناء الشمال..
استمر التهميش لحضرموت وازدادت معاناتها ، ورضي بذلك البعض من أبناء حضرموت مقابل فتات من المال السياسي ، رفعوا شعار حضرموت الجنوب والجنوب حضرموت ، كنا ننتظر مكانة لحضرموت تستحقها وهم مصرون على أن يجعلوها تابعة وذيل ، من حق شعب حضرموت أن يكونوا رأسا ، لهم قرارهم وأسياد في أرضهم ..
ترفد حضرموت خزينة الدولة بالمليارات بينما يعيش أهلها في ظلام دامس ، وطحنتهم الأزمة الاقتصادية ، وتلاشت على شبابها فرص العمل وأصبح كثير من الحضارم لا يجدون قوت يومهم ، والمعاناة مستمرة ، ثم تأتي وتقول حضرموت الجنوب والجنوب حضرموت ، الا بالعدالة والندية المساواة ..
من يطلق مثل هذه الشعارات يريد منها دغدغة عواطف البسطاء ليتسنى لهم السيطرة على حضرموت وجعلها تابعة يفرضون عليها قراراتهم بقوة السلاح لا بقناعة شعبها .
ترك الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة بعلامة *