أخبار عاجلة

ناشط حقوقي : عدن التي تخلّى عنها الجميع ... حتى محافظها !!!

top-news
  • (احقاف / عدن )
  • 31 مايو, 25

كتب / أسعد ابو الخطاب 



في لحظات الألم الكبرى، لا تحتاج المدن إلى الوعود، بل إلى من يقف معها، يشعر بها، يتنفس وجعها، ويمدّ يده لها ولو بالكلمة الصادقة. والعاصمة عدن، هذه المنهكة، لا تجد اليوم من يواسيها، لا من أهل السياسة، ولا من مسؤوليها، ولا حتى من محافظها. أنا بصفتي ناشط حقوقي ومواطن قبل كل شيء، أكتب اليوم لا بلغة الأرقام ولا التحليات، بل بلغة القلب، بلغة الحزن، بلغة الخذلان الذي يشعر به كل بيت وكل أسرة في هذه المدينة التي تحترق كل يوم… دون أن يلتفت إليها أحد. العاصمة عدن تُعاقب لأنها تنبض: العاصمة عدن اليوم ليست مجرد مدينة بلا كهرباء، هي مدينة بلا دفء إنساني، بلا احتواء من الدولة، بلا حضور من من اختيروا ليكونوا صوتها وسندها. العاصمة تُعاقب لأنها لا تزال حية، تقاوم، تتنفس رغم كل محاولات الإهمال التي تُفرض عليها قسرًا. في شوارع العاصمة عدن، لا تسير الحياة.. بل تزحف مثقلة بالعرق، بالوجع، بالخيبة.. أطفالها يذوبون في الحر، ومرضى مستشفياتها يموتون بلا أجهزة تعمل، وأمهات بالعاصمة عدن يروين حكايات العتمة ليلًا لأطفال لم يعرفوا طعم النوم الهادئ منذ سنوات. الخذلان الرسمي… حيث لا صوت ولا ظل: كان يمكن لمحافظ العاصمة عدن، الأستاذ أحمد حامد لملس، أن يكون وجهًا من وجوه التعاطف، أن يتحرك، أن يغضب، أن يصرخ، أن يُعلن حالة طوارئ في العاصمة، لكنّه اختار الغياب. غياب مؤلم، مُهين، مستفز. لم يعد المواطنون يسألون عن الحل، فقد كفّوا عن الأمل، هم فقط يتساءلون: أين هو؟ في أي مكتب بارد يجلس؟ وأي مكيفات تنعشه بينما هم يختنقون في جحيم الصيف؟ العاصمة تتآكل بصمت… ومسؤول لا يسمع: العاصمة عدن لم تطلب معجزة. كل ما أرادته هو كهرباء لا تُقطع، وماء لا يُنقطع، ومسؤول لا يختبئ.. لكنها لم تجد شيئًا من ذلك. هذه المدينة التي علمت اليمن معنى المدنية، واحتضنت النخب، وكانت رئة الوطن في أسوأ مراحله، تُترك اليوم وحيدة، وكأنها لا تستحق الحياة، وكأن من فيها لا يستحقون حتى شفقة الطارئين. مَن يعيد لهذه المدينة كرامتها؟ إن الشعور القاتل اليوم ليس الحرّ وحده، بل الشعور بأن هذه المدينة بلا أحد. أنها تُركت تواجه موتًا بطيئًا بلا من يبكي عليها، بلا من يدافع عنها، حتى المحافظ الذي يفترض أن يكون صوتها، صار صدى باهتًا لا يُسمع. العاصمة عدن لا تريد مجاملة من أحد، بل رجولة إدارية، شجاعة في تحمل المسؤولية، واحترامًا لكرامتها. إن لم يكن المحافظ قادرًا على تقديم شيء، فليكن شجاعًا بما يكفي ليقول “لا أستطيع”، وليترك المجال لمن يستطيع. العاصمة عدن لا تموت… لكنها تنزف بهدوء: عدن مدينة لا تموت، لأن فيها أرواحًا تعانق الحياة برغم كل شيء، لكن كم من الوقت يمكن للناس أن يصمدوا؟ كم من الشتاء والصيف سيحتملونه؟ كم من ليلة أخرى في العتمة سيعيشونها وهم يهمسون: “نحن منسيّون”؟ هل من يسمع؟ هل من يبكي لأجل العاصمة عدن كما تبكي العاصمة عدن على نفسها كل يوم؟ وهل سيأتي يوم يقف فيه المحافظ على أطلال مسؤوليته، ويقول: “خذلتكم”؟ أخشى أن يكون الأوان قد فات.

ترك الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة بعلامة *