تلاعب أكاديمي.. انعكاس لفساد سياسي في حكومة المناصفة وقيادة المكونات

- 26 فبراير, 25
شهدت جامعة عدن مؤخرًا واحدة من أسوأ الفضائح الأكاديمية التي كشفت عمق التلاعب الذي يتم تحت غطاء البحث العلمي حين مُنحت درجة الماجستير لعبدالرؤوف حسن زين السقاف عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي ووكيل محافظة عدن في رسالة مكررة لا تحمل أي إضافة علمية بل وُجد أنها مستنسخة بالكامل من رسالة سابقة.
( فضيحة أكاديمية تهز أركان الجامعة )
في 11 فبراير 2025 حصل السقاف على درجة الماجستير بتقدير ممتاز من كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة عدن عن رسالة بعنوان: “أثر تطبيق الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة في الشركات الصناعية ( دراسة حالة مصافي عدن) ”.
لكن سرعان ما انطلقت حملة إعلامية كشفت أن هذه الرسالة ليست سوى نسخة طبق الأصل من بحث قدّمه طالب آخر وهو علي عبدالله مسعد الثوير قبل سنوات في نفس الجامعة وبنفس العنوان والمحتوى.
الأمر الأكثر استغرابًا هو أن مصافي عدن – موضوع الدراسة – شركة مغلقة منذ سنوات ولا مجال لتطبيق الذكاء الاصطناعي فيها أو إجراء أي دراسة ميدانية عنها.
( تواطؤ أكاديمي وإداري )
لم يكن السقاف وحده المسؤول عن هذه الفضيحة؛ فقد شارك في هذا التلاعب مشرف الرسالة الدكتور علي أبوبكر حسين الزامكي وأعضاء لجنة المناقشة الذين أقروا الرسالة دون التحقق من أصالتها مما يثير تساؤلات عن مستوى النزاهة والشفافية في جامعة عدن.
بعد تشكيل لجنة تحقيق أقر مجلس الجامعة إلغاء درجة الماجستير الممنوحة للسقاف ومنع المشرف العلمي والمناقش الخارجي من الإشراف والمشاركة في لجان المناقشة المستقبلية وأحالهم إلى التحقيق.
( الانتقالي وتكريس الفساد )
عبدالرؤوف السقاف ليس شخصية عادية فهو عضو في هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي أحد أبرز المكونات السياسية في البلاد.
هذه الفضيحة الأكاديمية تلقي بظلالها على الانتقالي الذي يزعم تمثيل الشعب والدفاع عن قضاياه لكنها تكشف جانبًا من الفساد الذي يمارسه قياداته من خلال استغلال المناصب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب سمعة التعليم الأكاديمي في اليمن.
( حكومة المناصفة وصمتها المريب )
السكوت المطبق من حكومة المناصفة حيال هذه الفضيحة يثير تساؤلات حول مدى تواطؤها مع مثل هذه الممارسات خاصة أن عبدالرؤوف السقاف يتبوأ منصبًا رسميًا كوكيل لمحافظة عدن.
أين دور الحكومة في محاسبة المسؤولين؟ وأين وعودها بتحقيق النزاهة وإصلاح المؤسسات؟
ماذا بعد؟
رغم قرار مجلس جامعة عدن بإلغاء درجة الماجستير فإن هذه الفضيحة ليست إلا قمة جبل الجليد.
الجهات الإعلامية التي قادت الحملة ضد السقاف أكدت أنها بصدد نشر قائمة بأسماء القيادات والمسؤولين الذين حصلوا على شهادات أكاديمية مشبوهة، مما قد يفتح الباب على مصراعيه أمام المزيد من الفضائح.
( دعوة للمحاسبة والشفافية )
إن ما حدث في جامعة عدن لا يمكن فصله عن السياق السياسي العام في البلاد حيث أصبحت المناصب والولاءات السياسية مفتاحًا للحصول على امتيازات غير مستحقة.
المواطنون يطالبون بضرورة فتح تحقيق شامل ومستقل في كل الشهادات العليا الممنوحة من جامعة عدن خلال السنوات الأخيرة ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الجرائم الأكاديمية.
التعليم هو أساس بناء المجتمعات وعندما يتحول إلى أداة للتلاعب السياسي والمحسوبية فإن ذلك يهدد مستقبل أجيال بأكملها.
على حكومة المناصفة والمكونات السياسية كافة وخاصة المجلس الانتقالي أن تتحمل مسؤوليتها أمام الشعب وأن تعمل بجدية على إصلاح المؤسسات بدلاً من استغلالها لتحقيق مكاسب شخصية.
ترك الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة بعلامة *